الدولة الشرقية " تايلاند "
قلما يجد السائح بلدا يقصده
للسياحة والاصطياف ويتمتع بكامل مقومات السياحة والاستقرار والهدوء
والأمان كلها مجتمعة إذ ان كثيرا من الدول التي تتوافر فيها امكانات
سياحية هائلة، سواء كانت طبيعية أو تاريخية أو شواطئ جميلة، لكن هذه
البلدان لا تتمتع بالأمان، حيث تكثر فيها عمليات النصب أو السرقة ضد
السياح, والأدلة والشواهد على ذلك كثيرة.
غير أن ذلك لاينطبق على مملكة تايلند التي تتمتع بامكانات سياحية هائلة
سواء للسياحة الشبابية أو العائلية، في أجواء يغمرها الأمن والأمان
والهدوء والاستقرار إلى جانب الموقع الفريد والطبيعة الساحرة والمناظر
الخلابة أينما وقع نظر السائح لا يماثلها ذلك سوى طيبة أهلها وحسن ضيافتهم
وتعاملهم مع السياح.
ويمتزج في هذا البلد الماضي العريق بالحاضر مع كل ما يستتبع ذلك من
متطلبات العصرنة، وتنبع هذه المعطيات من خلال تمسك التايلنديين بعاداتهم
وتقاليدهم التاريخية عبر العصور وصولا إلى الحاضر العصري، وإذا أضفت إلى
هذا الموروث عطاءات الطبيعة من مناظر ساحرة وجبال مترامية الأطراف مكسوة
بالأشجار لتضفي إلى ناظريك لوحة بديعة تعكس قدرة الخالق واعجازه في تكوين
هذه الطبيعة الخلابة.
وإلى جانب سحر الطبيعة البديع ترى الشعب التايلندي محافظا على ارثه العريق
الراسخ في عمق التاريخ، ومتجاوبا مع متطلبات العصرنة وما اقتضته من تحولات
انسجاما مع التطور الهائل في ثورة المعلومات والتقنيات الحديثة.
ومملكة تايلند التي كانت تعرف في يوم من الايام باسم (سيام) تتمتع بموقع
جغرافي فريد يجعلها قبلة للسائح الباحث عن الطبيعة الساحرة والجبال
المترامية والشواطئ الذهبية الأخاذة، فهي تقع في قلب منطقة جنوب شرق
القارة الآسيوية وتتوسط العديد من الدول مثل بورما (غربا) وكامبوديا
(شرقا) ولاوس (شمالا) وماليزيا (جنوبا)، واذا ما استثنينا هذه الأخيرة،
نجد تايلند أكثر هذه البلدان جذبا للسياح.
وما إن تطأ قدما السائح أرض مطار بانكوك الدولي (وهذه تجربة شخصية ومباشرة
عشناها ولاحظناها), ليجد الابتسامات والتحيات واشارات الترحيب الخاصة بأهل
هذا البلد، أينما التفت وأينما وقع نظرك ابرزها وأكثرها انتشارا، هي تلك
التي يضع فيها التايلندي أو التايلندية كفيه متلاصقين أمام الوجه مع
انحناء الظهر إلى الأمام، وهي تدلل على الترحيب الحار، كما انها تستدخم
عند الوداع، ولوحظ ان مثل هذه الحركات معمول بها ايضا بين التايلنديين
أنفسهم وهي امور تعكس على كل حال طيبة هذا الشعب ودماثة أخلاقه.
بانكوك:
لعل العاصمة التايلندية بانكوك تعتبر البوابة الرئىسية لمعظم الزوار، لكنك
تجد كثيرين زاروا هذا البلد وعرفوه جيدا ينصحوك بأن تبتعد عن المدينة
الصاخبة والشديدة الازدحام، وهو امر يجعل منها مدينة لا تتمتع بقدر كاف من
النظافة خصوصا مع تلوث البيئة، اضف إلى ذلك ان بانكوك يقطنها نحو 10
ملايين شخص، ويخترقها نهر تشاوفرايا لكن لا غنى للسائح من زيارة هذه
المدينة والتعرف إلى معالمها وأسواقها ومحلات التسوق التي كثير منها يحمل
ماركات عالمية، وتعرف بانكوك من قبل التايلنديين باسم (كرنغ تب) وتعني
مدينة الملائكة، واطلق هذه التسمية عليها مؤسسها الملك راما الأول في
العام 1782.
وخلال التجوال في شوارع المدينة يمكن ملاحظة الابراج العالية، بينها ما هو
مخصص للسكن العائلي وما هو مخصص كمكاتب، إلى جانب الفنادق الكبرى، لكن مع
ذلك تجد ان العاصمة حافظت على ارثها الثقافي ومعالمها المعمارية التقليدية
وكنوز تراثها الوطني وهو ما يثير اعجاب السياح.
رب ضارة نافعة
بالرغم من صناعة السياحة المتدنية العام الماضي فقد حققت السياحة في
تايلاند معدلات جيدة بعد تهافت السياح عليها خصوصا بعد احداث 11 سبتمبر
الماضية «رب ضارة نافعة»، إذ بدأ السياح خصوصا من دول الخليج ـ بالتفكير
الى الاتجاه في السفر الى دول شرق آسيا بدلا من اميركا والدول الغربية
التي باتت زيارتها محفوفة ببعض المخاطر نظراً لنظرة الشك التي ينظر بها
مواطنو تلك البلدان الى المسلمين والعرب تحديدا، لذا اتجاه العرب الى
السياحة شرقا، وكان نصيب تايلاند هو الأكبر لما تتمتع به من مقومات سياحية
ومعاملة جيدة للزوار على مختلف جنسياتهم وانتماءاتهم.
ويقول مسؤولون في هيئة السياحة التايلاندية ارتفعت اعداد الزائرين العام
2001 إذ بلغ العدد 10,1 مليون زائر اي بزيادة مقدارها 5,8 في المئة عن
العام 2000.
وحقق زائرو الدول الخليجية زيادة خصوصا من دولة الامارات التي تعد اكبر
الاسواق الخليجية بالنسبة لتايلاند مع وصول نحو 36,700 زائر اليها العام
2001، اي بزيادة مقدارها 7,53 في المئة عن العام 2000، اما زائرو الكويت
فقد بلغت نسبتهم نحو 12,5 في المئة ليبلغوا معدل 22,200 زائر.
ويقول المنظمون ان الموسم السياحي بالنسبة للخليجيين يكون ما بين يوليو
وسبتمبر بعكس الاوروبيين الذين يبدأون سياحتهم في تايلاند بعد شهر سبتمبر
حتى فبراير وهو الموسم السياحي الذي تتحسن به حالة الطقس هناك ويتميز
بوصفه «بالموسم السياحي» ويعقب المنظمون ان فترة سياحة الخليجيين هي
الامثل بالنسبة للاسعار المعتدلة التي تبتعد بها الاسعار عن تلك السياحة
المرتفعة نسبيا.
كن ضيفنا:
عملت تايلاند في السنة الماضية على اطلاق حملتها السياحية التي كانت
بعنوان «Be My Guest» «كن ضيفنا» والتي أهلت البلاد كوجهة سياحية مهمة
وكقيمة لاستثمار المال. ولأن الناس باتت تعرف ماذا تريد من عطلاتها وباتت
تضع اهدافا معينة لقضاء عطلاتها، عملت الهيئة السياحية التايلاندية على
اطلاق نشاطات وحملات واعلانات عالمية عن اهم الاحداث والنشاطات التي من
الممكن ان يمارسها السائح في تايلاند اضافة الى الرحلات المنظمة للسياح من
قبل بعض الجهات المنظمة للتعرف على ما يميز البلاد كونها قيمة سياحية
ووجهة مقصودة للعطلات.
ويقول المنظمون ان تايلاند تعد من البلاد الفريدة «Unique» انطلاقا من
السمعة التي تتمتع بها البلاد كونها ارض الابتسامة «Land Of Smile» اللقب
الذي حملته البلاد لفترة طويلة من الزمن.
ويعمل التايلانديون على الترحيب بضيفهم الزائر حتى يشعروه انه في بلاده
ومن هنا يعمل التايلانديون على ابتكار المزيد من الافكار القيمة والشيقة
للسياحة والسياح.
مهرجانات تايلاند:
تعمل المهرجانات على تغطية ارجاء تايلاند كافة من مقاطعات وجزر ومناطق.
ويشرح المنظمون انه في كل شهر يكون هناك تركيز او اطلاق منتج معين يسمى
بمنتج الشهر «Product of The Month» والذي يطلق في منطقة او مقاطعة معينة
مما يساعد على خلق مساحة اكبر من النشاطات للزائرين للاستماع بغض النظر عن
شهر معين من السنة لان النشاطات تكون متاحة على مدار السنة ولكل شهر نشاطه
المعين.
فعلى سبيل المثال حمل شهر مايو الماضي اسم مهرجان الفواكه التايلاندية
«The Fruit Festival» وضمت بانكوك نفسها مهرجانا للزهور والفواكه بين 17
الى 19 مايو والذي كان اكبر المهرجانات واضخمها.
وتميز شهر يونيو بمهرجان الزراعة الخضراء، وسيضم شهر يوليو مهرجانا للفن
والحرف اليدوية، اما اغسطس سيضم مهرجان المراكب الملكية وستضم الشهور
الاخرى مهرجانات للانهار والكائنات البحرية وغيرها اي سيكون هناك دائما
وقت للمتعة على مدار السنة.
السوق العائم:
تميزت رحلة السوق العائم «Floating Market» بغرابتها وطرافتها نظرا
لاسلوبها وفكرة عملها الجديدة والتي لم تكن لتخطر ببال الكثيرين عندما طرح
علينا المنظمون فكرة التسويق في سوق عائم!
بدأت الفكرة تتبلور في اذهاننا عندما ركبنا قاربا خشبيا صغيرا، تايلندي
الطراز يسع لنحو 4 اشخاص فقط اضافة الى سائق قاد ركابه وسط النهر الذي
انتشرت البيوت والمعابد والاشجار على جانبيه اضافة الى الاسواق التي ظهرت
بعد رحلة استمرت 20 دقيقة وسط النهر الذي احتوى على ركاب كثيرين عند مدخل
السوق العائم الرئيسي فكانت زحمة سير القوارب تماما كزحمة سير المركبات في
الشوارع طبيعة ج 3 وأخير
واحتلت النساء جانبا من النهر ليبعن بضائعهن التي تمثلت في الخضراوات
والفواكه داخل قواربهن الخشبية وعلى ضفاف النهر وأصررن على ان يتذوق
الذائر بعضا من الفواكه قبل شرائها وقبل الدخول الى السوق الرئيسي
والانشغال في التبضع لمنزله ونفسه ونسيان معدته وبالتالي نسيان بائعات
النهر المتجولات.
ثم كان الاستعداد للتبضع الكبير Big shopping ودخلنا الى المكان الذي ضم
كل شيء وأي شيء,,, من الملابس إلى التحف واللوحات الى المصنوعات الخشبية
واليدوية اضافة الى الجلود والأثاث ومجموعة مختارة من تحف ومعلقات التراث
التايلندي.
الغريب في أمر التسوق في تايلند هو نسبة الحسومات التي يحصل الزائر عليها
في الاسواق الشعبية والتي تتراوح ما بين 40 إلى 50 في المئة وإذا كان
المشتري صعب المراس وخبيراً في الشبوينغ كأحد الزملاء فانه يحصل على خصم
60 أو 70 في المئة بسهولة فائقة.
رحلة التسوق في تايلاند وخصوصا في سوق غريب كالسوق العائم هي متعة كبيرة
لان التسوق في هذه الحالة يمتزج مع الطبيعة والتراث والغرابة.
مطاعم ومحلات عربية:
الزائر العربي لمدينة بانكوك لا بد وأن يقصد شارع «نانا» وهو الشارع الذي
ما ان تدخله حتى تحس وكأنك في مدينة عربية، فاللافتات والاشارات على عدد
من المطاعم والمحال في هذا الشارع كلها عربية، حيث تنتشر محلات بيع البخور
بأجود أنواعه، والاكلات العربية المعدة من لحوم مذبوحة اسلاميا.
الأكثر من ذلك فان السائح العربي في هذا الشارع الحافل بالعديد من الفنادق
يجد نفسه محاطا بكرم من نوع خاص لا سيما مع وجود الكثير من المسلمين
التايلانديين الذين يحبون التعرف الى السياح العرب.
التسوق:
تعرف تايلاند بجنة المتسوقين shoppes Paraclise اذ تتنوع محلاتها ما بين
الاكشاك الصغيرة المنتشرة على جانبي الطريق الى جانب أضخم وأفخم المجمعات
التجارية التي تعطي المتسوق فرصة الاختيار نظرا لتنوع البضاعة وجودتها، اذ
تضم تلك الاسواق الصغيرة نفس جودة ونوعية المجمعات والاسواق الضخمة ويتميز
شهرا يوليو ويونيو بالحسومات التي تعم الاسواق لتناسب السياح الخليجيين
الذين يزورون البلاد خلال هذه الأشهر,,, الى جانب حسومات شهري ديسمبر
ويناير استعدادا لتسوق عيد الفطر في كل عام.
منتزه بوكيت:
وفي جزيرة بوكيت "Phuket" وهي تبعد مسافة ساعة وربع الساعة بالطائرة عن
العاصمة بانكوك وجدت أضخم مدينة ترفيهية تدعى بوكيت فانتسي بنيت على مساحة
140 فداناً (الفدان يساوي 4200 متر مربع) ويمتزج بها عبق الماضي والتراث
مع روح العصروالتكنولوجيا, حيث يحتوي المنتزه على قرية للمهرجانات
والألعاب التي تشمل أيضا حرفا يدوية اضافة الى مطعم سياحي يتميز بتقديم
الوجبات العالمية International الى جانب المحلية ويتسع لنحو 4000 شخص.
ويجري في هذا المنتزه أكبر عرض مسرحي يوصف بانه عرض على غرار العروض
الكبيرة في لاس فيغاس حيث يمكن الاستمتاع بسحر تايلاند والقصص الاسطورية
والخيال الممتد عبر تاريخهم.
ويعتبر قصر الافيال من أهم المعالم التراثية في المنتزه، فهو تحفة معمارية
قديمة ترمز إلى عهد «سوفوتايما» ويمكن للزائر ان يرى تماثيل للأفيال خارج
القصر الحجري نحتت بطريقة رائعة وتمثل الأفيال بصور وحركات مختلفة.
ويضم المنتزه مسرحا يتميز بعروضه الساحرة التي يمتزج فيها الواقع بالخيال،
فتعرض على هذا المسرح العاب اكروبات، سيرك الأفيال وألعاب سحرية اضافة إلى
عروض موسيقية تدار بمؤثرات صوتية وخلفيات موسيقية، وقد صمم هذا المسرح
خبراء عالميون, وفي قرية المهرجانات والتسوق التي يضمها المنتزه أيضا يمكن
لزائر تايلاند أن يتعرف على تاريخ المعمار في البلد وان يحصل على خبرات
تسويقية من خلال تجوله في نحو 15 سوقا متخصصاً في بيع الحرير، الجلد،
المجوهرات، الخزف، والهدايا.
وهناك عروض تسمى بالصوت والضوء وتعد من أضخم العروض حيث انها لا تعمل الا
في المناسبات الخاصة وفكرتها تدور حول أحد الأمراء التايلانديين وهو
الأمير كمالا Kamala الذي يعتقد شعبه ان أي فرد يقترب من التمثال ويهمس
باسم الأمير فان كمالا سيستيقظ وتدب فيه الروح ويرد على مطالب شعبه الذي
يبدأ الاحتفال بعودته، وقد تطورت الفكرة باستخدام مؤثرات الصوت والضوء
والليزر والالعاب النارية لمزيد من الابهار.
يتبع نحو 75 في المئة من سكان تايلاند البالغ عددهم 62 مليون نسمة الديانة
البوذية ويشغل المسلمون ما نسبته 15 في المئة والنسبة المتبقية موزعة على
بقية الديانات والمعتقدات المختلفة مثل المسيحية والهندوس وغيرها.
ويوجد في تايلاند التي تكثر بها المعابد Temples أكثر من 400 ألف معبد
منها 40 ألف معبد في بانكوك فقط, وتتميز المعابد بكبر أحجامها والمساحات
التي تبنى عليها اذ يحتوي كل معبد على أكثر من مبنى داخله وكلها لمعابد
مختلفة الأشكال والاحجام تغطت بكثير من الحلي المذهبة والأحجار المزركشة,
وتنتشر داخل المعبد الكثير من التماثيل التي تمثل بوذا يجلس الناس أمامها
على أرض مغطاة بالسجاد يحرم على من يدخل المعبد ان ينتعل الحذاء أو القبعة
أو أن يحمل معه آلات التصوير.
ويخيم الهدوء على المعابد التي يقصدها الناس للعبادة والطلب من الإله بوذا
لتلبية مطالبهم كما يوجد في زوايا المعبد صناديق لوضع النقود او النذورات
التي يتبرع بها المصلون.
وتصادف هذه السنة الذكرى 2545 سنة على وفاة الإله بوذا والذي توفي عن عمر 80 عاما.
تعليق : خلال السنة الماضية تجنب الكثير من السياح السفر إلى المناطق الشرقية
بسبب الأمراض الوبائبة التي انتشرت لديهم .. ولكن ربما جمال الطبيعة ينسي ذلك كله .